وصية مماتي
لا تحزني حبيبتي
أن فتحت جريدة صباحية
وقرأت إسمي بين السطور
في الزاوية المرعبة من قائمة الوفيات
فهو الحقيقة الوحيدة
والقدر الوحيد الذي لاينكره عاقل
ويقينا منا بأنه آت ذات يوم لامحاله
فقد اصبح هذا الموت في كل مكان
واصبح كالشبح يطاردنا حتى يدركنا
فحكاياته المرعبة يا سيدتي ما عادت تخيفني
وما عدت اجزع منه
فهو راحتي بعد تلك المسافة الطويلة في هذه الحياة
بعد كل ذلك الكم من
التعب
والشقاء
والعناء
والبكاء
فلا تحزني
ولا تبتئسي
ولا تذرفي دموعكِ هناك
عند شاطئ البحر
ولا تخبري البحر بنبأ رحيلي
فهو اشدكم حزنا علي
وهو اكثركم معرفة بي
فلا تُبكيه ولا تَبكي علي
فقط امنحيني قصيدة شعرية وأهدني اياها
على ضفاف شواطئ احزاني
واكتبِي على رمال الطريق
واعترفي ولو لمرة
بأنني كنت اعشقكِِ
وانني كنت احبكِ حبا جما
وانني بكيتكِ حد الهلاك
وانني احببتكِ حتى الممات
ومع موت الهمسات واني مت
ولا تستسلمي لنبأ رحيلي
ولا تجعليهِ يهز تلك الاعماق الرائعه فيكِ
ويخيل الي بان رحيلي سيكون قاسيا عليكِ
فقد يذهلكِ
وقد يزعجكِ
وقد يرعبكِ
وقد يؤلمكِ
وقد يزلزلكِ
وقد ينسفكِ
وقد يكسركِ
وقد يبعثركِ
بعد رحيلي
قفي على قبري ورتلي على الفاتحة
واقرئي سورة يس والواقعه
وقفي هناك وحدثيني
وحاوريني كما عودتني
واخبريني باخباركِ واخبارهم
وكيف جرت بكِ الدنيا من بعدي وبعدهم
وكيف اصبحت الدنيا بعد غيابي
وكيف اصبح لون الايام بعد رحيلي
وكيف حال الاشعار من بعدي
وكيف باتت خواطري
ولا تبكي حين تتذكري تفاصيلي
ولا تنهاري بدموعكِ حين تتذكري بانني ماعدت هناك
ما عاد هناك من ينتظرِكِ بشغف
وينتظركٍ بخوف
وينتظركِ بحنين
وينتظركِ بشوق
وينتظركِ بألم
وينتظركِ
وينتظرك
وانتِ في حرقةٍ من زحمة اقداركِ
تفكرِين في ذلك القلب الذي احرقه انتظاركِ
ما عاد هناك من يبكي اللحظات بدونكِ
وما عاد هناك من يشكو مرور الوقت في غيابكِ
وما عاد هناك من يحصي الثواني للقائكِ
لا تبكي لان الدنيا حرمتكِ مني
فقد حرمتني منك قبلا
لا تبكي
فأنت من فتحت لي ابواب قلبها في لحظة صدق
ووهبتني الحب بلا تردد
ومنحتني الآمان بلا حدود
وغمرتني باحلامها
وغمرتني بعطائها
ورممتني ورممت مشاعري المسفوكة
ورممت أحلامي المكسورة
لا تبكي
لأنني فاجأتكِ يوما بالرحيل
وتلاشيتُ في الهواء كبخار الماء
وودعتكِ في صمت هادئ كالغرباء